الأحد، 31 مايو 2015

لما أنتم مندهشون؟! نعم يحكمنا نظام فاشي


ولم اقصد هنا نظام السيسي، لأ أنا اقصد النظام العسكري اللي بيحكم مصر من سنة 1952 باسم تحرير الشعب المصري العظيم من العبودية، لكن الحقيقة هما محوا عبودية القصر وأسسوا لعبودية "الأفارول".. قضوا على طغيان العائلة المالكة وبشاواتها ومحاسيبها، ورسخوا طغيان العساكر ورجال الأعمال.
على مدار أكثر من 62 سنة قمع وقهر وجوع وفقر وإقصاء واضطهاد وإفقار وإذلال للشعب على حساب السلطة بكل أشكالها من أول قصر الرئاسة مرورا بالجهات السيادية إلى أصغر معاون نيابة لسه متعين.
لكن الحقيقة كل العساكر اللي حكموا البلد قبل السيسي لم يجرأوا على كل هذا الجبروت والفُجر اللي بنعيشة اليومين دول.
عبد الناصر:
 ديكتاتور بكل ما تحمل الجملة من معنى وعلى نغمة الثورة وتحرير الشعب المصري من القصر الفاسد ومن وراءها نغمة القومية العربية ومحاربة الإمبريالية العالمية المتمثلة في أمريكا وأعوانها من الغرب وإسرائيل، طاح في البلد يمين وشمال وحبس وقتل كل من كان يفكر في معارضتة.. إخوان شيوعيين عمال.. أي حد كان بيهدد مشروعة السلطوي كان بيعتقلة أو بيقتله، ده بخلاف الفساد داخل مجلس قيادة الثورة من أول الاستيلاء على قصور البشوات وفلوسهم ومجوهراتهم إلى أن وصلنا للتحكم في كل موارد وثروات البلد.
وختم فترة حكمة بنكسة 67 اللي غيرت شكل المنطقة إلى الآن.
كل هذا الإجرام والفجر.. بس السلطة لم تكن تجرؤ على مواجهة الشعب بقذارتها وقبحها، بمعنى أن الناس كان عندهم الحد الأدنى من كل حاجه.. الأمان.. الأكل.. الشرب.. السكن، واستفاد من نظام عبد الناصر القمعي شريحة كبيرة من الفلاحين والفقراء، بس على حساب دم وحرية الآلاف غيرهم، بس في النهاية السلطة كانت بتحاول توازن ما بين قمعها وقهرها للشعب وما بين توفير الحد الأدنى من الحياة.
السادات:
ده بقى حكاية.. خليفة الزعيم القائد! ودي كانت مشكلة بالنسبة له في الأول، بس هو قدر بسرعة يتغلب عليها وقلع عباية عبد الناصر والاشتراكية، ولبس العبايه اللي بجد.. عباية الإسلامين.
بنفس الفكر العسكري العقيم سجن وقتل وسحل كل من عارضه، من أول رجالة عبد الناصر كلهم، حتى المقربين منه، لحد أصغر طالب كان بيحاول يعترض على أوضاع البلد.
قبل سنة 73 كان بيحاول هو ونظامة يوصلوا للشعب إن عصر مراكز القوى والاستبداد انتهى، وإنه بدأ يرسخ للديمقراطية والحوار، بس اللي معطلة شويتين ومخلي الأمور ما تعجبش الشعب إن فيه معركة، وطبعا لا صوت يعلو فوق صوت المعركة، وده كانت سلاح ذي حدين.. حد منهم قبل الحرب وهو الضغط الشعبي والطلابي وقتها في خوض الحرب والانتصار على العدو الإسرائيلي وتحرير الأرض، وده كان الحد السلبي، أما الحد الإيجابي، فكان بعد 73 اصبح هنا السادات زعيما حقيقيا لدى الشعب وبطلا مغوارا فعل ما لم يقدر على فعله عبد الناصر، وأعاد كرامة المصريين، ومن هنا بدأت المصيبة.. من هنا بدأ السادات في التخلص من كل ما يحمل رائحة عبد الناصر، وقرر ان يقضي على كل ما هو اشتراكي في البلد، ورأى أن محاربة الشيوعية لا تأتي إلا من خلال تصعيد الإسلامين، وفعلها "وها نحن نجني ثمارها حتى الآن".. السادات لم يكتف بتصعيد الإسلامين.. لأ ده أسس لدولة رجال الأعمال وأنشأ طبقة جديدة من المستشمرين اللي بعد سنوات قليلة استوحشوا واحتكروا جميع الأسواق وجميع السلع، وبرضه "ها نحن نجني ثمار الانفتاح إلى الآن"، واختتم حياتة بكارثة "كامب ديفيد" المهينة والقذرة "وها هو العالم العربي، بل العالم كله يجني ثمار ما فعل إلى الآن".
بس برضه رغم كل القمع والفساد والمصايب التي خلفها السادات، لم يجرؤ أن يواجه الشعب بقبح وفجر نظامه، بمعنى أن بطل الحرب والسلام قدر يخلق توازن ما بين فساده وظلمه وطغيانه، وبين إنه يوفر للناس الحد الأدنى للمعيشة.
الزغلول الكبير "مبارك":
ده بقى عمل كل حاجة، ده اللي في عهده غير منهج وطريقة الحكم 180 درجة.
قرر إنه قاعد، وعلشان يقعد لازم يضمن ولاء مؤسسة الحكم والحماية "القوات المسلحة"، وده بدأ بأنه سخر كل موارد البلد للقوات المسلحة.. كل متر في البلد بقى ملك القوات المسلحة.. كل الامتيازات من فيلل قصور شقق عربيات كل حسب رتبتة وحسب حجمه في المنظومة.. مش بس كده.. لأ حتى بعد الضابط من دول ما يطلع معاش، بيبقى رئيس مجلس إدارة مؤسسة أو شركة أو مصنع كبير تابع للدولة أو لو مهم شوية بيبقى رئيس حي، ولو بقى من الطبقة الأعلى بيبقى محافظ.. المهم إنه جعل المؤسسة العسكرية دولة داخل الدولة، وعزلها تماما عن أي صراعات، وخلاها المتحكمة في إدارة موارد واقتصاد البلد بس من الباطن، أما الظاهر فهو إمبراطورية رجال الأعمال، وهنا هو كمل على شغل السادات بس بحرفية وتنظيم أكبر، وحصر اقتصاد البلد ما بين العسكر بتوعه ورجال الأعمال، وطبعا كان عنده بدل الشماعة ألف يعلق عليهم قمعه وفساده، من أول بناء الدولة بعد سنين حرب، والاهتمام بتقوية البنيه التحتية للبلد، وبعد كده محاربة الإرهاب والمخاطر الخارجية وازدياد معدل السكان بشكل كبير، وده بيجعل السلطة عاجزة على إيجاد حلول للتضخم، على مدار 30 سنة الشعب المصري اضمحل حرفيا.. أعلى معدل أمراض من كل الأنواع.. أكبر معدل فقر وجهل وأمية وبطالة.. انعدام أي حرية من أي نوع، واللي اتبقى من الشعب كان يدوب بيفكر إزاي حيكمل بقية الشهر.
وخلال فترة حكم مبارك، ومع الوقت مبقاش محتاج يخلق أي توازن علشان الناس تسكت وترضى وتعيش.. الناس خلاص اتبرمجت ورضيت من الخوف والجهل والمرض وإرهاب السلطة.
وهنا مبقاش محتاج يواجهة الشعب بفساده أو بقبحه، لأن الشعب أصلا مبقاش شايف.. نجحت الخطة وخلق حالة من اللامبالاة المزمنة.
أما بقى الجنيرال "السيسي":
فده قرر إنه يعلن عن فاشية النظام بكل وضوح من أول لحظة.. قتل في يوم واحد أكثر من 2000 شخص واعتقل أكتر من 10000..  متصور ومتخيل اللي بقوله؟! ده قرر يبيد مجموعة من الناس إبادة جماعية.. ده في أول يوم!
أما عن السنتين اللي فاتوا، فحصل فيهم كل حاجه ممكن تكون حصلت من كل الحكام الفاشيين في التاريخ الحديث.. قتل معارضيه أمام أعين الناس في الشوارع.. اعتقل أكثر من خمسين ألف شخص، وكل يوم حتى اللحظة اللي أنا باكتب فيها الكلام ده، فيه ناس بتتخطف من الشوارع والبيوت.. أنشأ محاكم خاصة للإرهاب، والصراحة هنلاقي الاسم مناسب جدا.. هي فعلا محاكم للتستر على إرهابة وفاشيتة وإجرامه، ومفيش أي شخص في البلد أمن من بطشه.. ده دخل المدرعات الجامعات تقتل الطلاب! القتل بقى شيء عادي في ظل حكم السيسي.. أجهزته الأمنية تقدر تقتل أي حد في أي وقت وتقول عليه إرهابي.. دول خطفوا إسلام عطيتو من قلب الجامعة أمام زملائه وأساتذته وقتلوه، وقالك ده مات وهو بيقاوم السلطات في وكر بالتجمع الخامس وهنحقق ونشوف!
قتل شيماء الصباغ  أمام الناس في الشارع، وراح قالك زملاءها هما اللي قتلوها! قتل الشباب وهما رايحين يشجعوا فريقهم، وقالك ماتوا من التدافع.. عمل لهم قفص حديد علشان يقتلهم فيه.. أنت متخيل؟ نظام نفذ حكم الإعدام في 6 أشخاص.. بس للثأر وللحفاظ على هيبة الدولة! نظام الدم هو اللي بيحل بيه أي مشكلة بتقابله! أي شخص ممكن يموت أو يتسجن في أي لحظة.. أي شخص فعلا دون استثناء.. متصورين الوضع بقى عامل إزاي؟!
بجاحة وفجر عيني عينك من كل مؤسسات الدولة.. قتل.. سجن.. تعذيب بدم بارد وبكل فخر! متخيل إحنا بقينا عايشين إزاي؟!
كل ده ولسه بنستغرب ونندهش لما وزير يقولك: ولاد الزبالين ماينفعش يبقوا قضاة، ولما قاضي نص لبة يقولك: إحنا أسياد البلد، وبقية الشعب عبيد، ونندهش أكتر إنهم يعينوه وزير! ولسه بنندهش لما نسمع أو نشوف قاضي بيحكم ظلم بحبس بريء، أو ضابط يفتري ويلفق تهمة لشخص بريء، وبنندهش لما إبراهيم عيسى ولا أحمد موسى ولا ريهام سعيد ولا تامر أمين ولا محمد صبحي ولا ولا ولا ولا... إلى آخر المجموعة.. نلاقيهم بيبرروا القتل والسحل والتعذيب ويمجدوا في الزعيم القائد، وبنندهش أكتر لما نلاقي عواجيز الخيبة بيقولوا لنا إننا ما بنفهمش حاجة وهنضيع البلد!

لو لسه مش فاهم إننا نحكم بنظام سلطوي فاشي مسل، فصدقني مش هتفهم إلا لما تذوق نار ظلمه بشكل مباشر.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق